الصحة والرشاقة | قد يساعد الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بخطر الإصابة بمريء باريت وسرطان المريء

الذكاء الاصطناعي (AI) هو مجال علوم الكمبيوتر المخصص لحل المشكلات المعرفية المرتبطة عادةً بالذكاء البشري، مثل التعلم والإبداع والتعرف على الصور.الهدف من الذكاء الاصطناعي هو إنشاء أنظمةٍ ذاتية التعلم، تستخلص المعاني من البيانات؛وبعد ذلك، يُمكن للذكاء الاصطناعي تطبيق تلك المعرفة، لحل المشكلات الجديدة بطرقٍ تشبه الإنسان.

بات الذكاء الاصطناعي من أولويات الحياة بمختلف مرافقها خلال الفترة الأخيرة، خاصةً في مجال الرعاية الصحية. ويشهد العالم تحولًا كبيرًا نحو الذكاء الاصطناعي (AI) في صناعة الرعاية الصحية. ويرجع جزء من ذلك إلى التحول الذي يشهده هذا المجال، إلى بيئةٍ سحابية لإدارة البيانات؛ ومع السحابة، أصبحت البيانات متاحةً الآن على نطاقٍ آني لمزيدٍ من التحليل. ولكن بدلاً من الاعتماد على الموظفين في التجميع الدقيق للبيانات، فإن الذكاء الاصطناعي يُمكِّن الكثير من الكفاءة – وفي العديد من الحالات، العمليات الأكثر دقة بكثير.

باختصار؛ فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية يهدف في المقام الأول لتحسين رعاية المرضى؛ فضلًا عن إدخال التطورات في كافة قطاعات الرعاية الصحية وحُسن استخدامها. ويتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي أيضًا، في التنبؤ ببعض المشاكل الصحية والأمراض، كما هو الحال مع سرطان المريء ومرض باريت، وهو موضوع مقالتنا اليوم.

ما هو مرض باريت؟

تُعدَ التغيرات في خلايا المريء السابقة للتسرطن، وهي حالةٌ تُسمى مريء باريت، من عوامل الخطورة المرتبطة بسرطان المريء. وينتُج مرض باريت عن داء الارتجاع المعدي المريئي، الذي يحدث عند تكرار ارتداد حمض المعدة إلى المريء، ما يؤدي إلى تهيَج بطانته.

يُوصي الاختصاصيون بفحص الأشخاص الذين لديهم عوامل خطورة متعددة للإصابة بداء مريء باريت؛ ولكن بالرغم من توفر أدوات الفحص طفيفة التوغل، تظل معدلات فحص داء مريء باريت منخفضةً. ولكن يعمل براساد آير، دكتور في الطب، طبيب الجهاز الهضمي في مايو كلينك والباحث في فينيكس، ولاية أريزونا، على تغيير ذلك بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي.

التنبؤ بمرض باريت باستخدام الذكاء الاصطناعي

فقد طوّر الدكتور آير وفريقٌ من الباحثين، أداةً باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ واختبروها للتنبؤ بخطر التعرض لداء مريء باريت وسرطان المريء، استنادًا إلى معلوماتٍ من قاعدة بيانات ضخمة مُستخرجة من السجلات الصحية الإلكترونية،حُذفت منها معلومات تحديد الهوية. ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة طب الجهاز الهضمي السريري والتحويلي في عام 2023.

استخدم الدكتور آير وفريقه، نموذج ذكاءٍ اصطناعي طُوَر استنادًا إلى السجلات الصحية الإلكترونية غير محددة الهوية،لمرضى من مايو كلينك بلغ عددهم 6 ملايين مريضًا؛ لإنشاء أداة تنبؤٍ بالمخاطر، يمكنها رصد خطر الإصابة بداء مريء باريت وسرطان المريء قبل عام على الأقل من التشخيص.ويمكن دمج الأداة التنبؤية بالسجل الصحي الإلكتروني، وتنبيه الطبيب عند اللزوم، للنظر في فحص مريضٍ بشأن خطر التعرض لداء مريء باريت.

واستنادًا إلى الملاحظات السريرية والتنظيرية والمخبرية وملاحظات علم الأمراض المتضمنة في السجلات الصحية الإلكترونية، حددَ الباحثون ثلاث مجموعات شملت 8476 مصابًا بداء مريء باريت، و1539 مصابًا بسرطان المريء و252276 شخصًا في المجموعة الضابطة. ثم استخدموا هذه المجموعات لتطوير نماذج تنبؤية لأداة التنبؤ بالمخاطر.

وقد أظهرت نتائج الدراسة أن النماذج التنبؤية للأداة تتمتع بمستوى عالٍ من الدقة، حيث:

• تنبأت الأداة بداء مريء باريت بنسبة حساسية بلغت 76% (نسبة العينات المحددة بشكلٍ صحيح على أنها سلبية)، ونسبة نوعية بلغت 76% (نسبة العينات المحددة بشكلٍ صحيح على أنها إيجابية)، ومنطقة واقعة تحت منحنى تشغيل المستقبِل بلغت 0.84. والمقصود بالمنطقة الواقعة تحت منحنى تشغيل المستقبِل،أنها مقياسٌ يُستخدم لقياس جودة التنبؤات التي ينتجها نموذج الذكاء الاصطناعي؛ وتتراوح من 0 إلى 1، حيث يُمثَل 1 أعلى جودة.
• تنبأت الأداة بسرطان المريء بنسبة حساسية بلغت 84%، ونسبة نوعية بلغت 70%، وبلغت المنطقة الواقعة تحت منحنى تشغيل المستقبِل 0.84.
• حددت الأداة أيضًا عوامل الخطورة المعروفة لداء مريء باريت وسرطان المريء، بالإضافة إلى عوامل الخطورة الجديدة التي يجب مراعاتها؛ بما في ذلك مرض الشريان التاجي ومستويات الدهون الثلاثية ومستويات الكهارل.

ويُعلَق الدكتور آير على هذه النتائج قائلًا: “يمكن دمج هذه الأداة في السجل الصحي الإلكتروني، بالاقتران مع أداة فحصٍ طفيفة التوغل (غير تنظيرية) واستخدامها من قِبل الأطباء في الرعاية الأولية.”

من المؤكد أن تطبيق هذه التقنية في اكتشاف خطر الإصابة بمرضٍ سرطاني خطير مثل سرطان المريء، أمرٌ في غاية الأهمية؛ لكن ما الذي نعرفه عن هذا المرض؟ إليكِ الإجابة في السطور التالية..

ما هو سرطان المريء؟

هو مجموعة خلايا تبدأ بالنمو في المريء، الذي يُعد بمثابة أنبوبٍ مُجوف طويل، يصل بين الحلق والمعدة. مهمة المريء الأساسية، نقل الطعام الذي نبتلعه من نهاية الحلق إلى المعدة حيث تعمل على هضمه.

عادةً ما يبدأ هذا السرطان في الخلايا المُبطنة للمريء من الداخل؛ كما قد يظهر سرطان المريء في أي مكانٍ على طول المريء. ويُعد أكثر شيوعًا لدى الرجال، فيما تشمل عوامل الخطورة الرئيسية، تناول المشروبات الكحولية والتدخين.

كما أن هناك بعض عوامل الخطر، التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان المريء، وهي بالعادة حالاتٌ تُسبَب تهيَج المريء؛ وتتضمن:

1. عادة شرب السوائل شديدة السخونة بانتظام.
2. داء الارتجاع المَعِدي المريئي.
3. الارتجاع المراري.
4. صعوبات البلع بسبب عدم ارتخاء عضلة المريء، وهي حالة تُسمى تعذُّر الارتخاء المريئي.
5. شرب الكحول والتدخين.
6. عدم تناول قدرٍ كافٍ من الفواكه والخضراوات.
7. السُمنة.
8. التغيرات السابقة للتسرطن في خلايا المريء، والتي تُسمى مريء باريت (تحدثنا عنها في بداية المقالة).
9. العلاج الإشعاعي على الصدر أو أعلى البطن.

ما هي أنواع سرطان المريء؟

من الجدير ذكره، أن سرطان المريء يُصنَف حسب نوع الخلايا المصابة؛ وتساعد معرفة نوع سرطان المريء في تحديد الخيارات العلاجية الممكنة لكل شخص.

أنواع سرطان المريء هي ما يلي:

• السرطان الغُدي: يبدأ في خلايا الغدد في المريء،وتفرز هذه الغدد مخاطًا. يصيب السرطان الغُدي في معظم الأحيان الجزء السفلي من المريء، وهو الشكل الأكثر شيوعًا لسرطان المريء في الولايات المتحدة. ويؤثر غالبًا على الرجال أصحاب البشرة البيضاء.
• السرطانة حرشفية الخلايا: تبدأ في الخلايا الرقيقة المسطحة التي تُبطَن سطح المريء. وتصيب السرطانة حرشفية الخلايا في معظم الأوقات، الأجزاء السفلية والوسطى من المريء، وهي أكثر أنواع سرطان المريء شيوعًا في العالم.
• أنواع أخرى نادرة: منها سرطان الخلايا الصغيرة، الساركوما، اللمفومة، الورم الميلانيني وسرطان الأقنية الصفراوية.

ما هي أعراض ومضاعفات سرطان المريء؟

وفقًا لما جاء على موقع “مايو كلينك”، فإن سرطان المريء قد لا يُسبَب أية أعراض في مراحله المبكرة. وتظهر أعراض سرطان المريء عادةً عندما يكون المرض في مرحلة متقدمة.

وبالعموم، تشمل علامات مرض سرطان المريء وأعراضه التالي:

1. صعوبة البلع.
2. ألم أو ضغط أو حُرقة في الصدر.
3. السُّعال وبحَّة الصوت.
4. نقص الوزن غير المقصود.
5. عُسر هضم مُتفاقِم أو حرقة المعِدة.

وفي حال تفاقم سرطان المريء، قد يحمل معه بعض المضاعفات الخطيرة التي تتطلب مراجعةً فورية للطبيب؛ ومنها:

• حدوث انسدادٍ في المريء؛ إذ قد يُصعّب السرطان مرور الطعام والسوائل عبر المريء.
• نزيف في المريء؛إذ يمكن أن يتسبب سرطان المريء بحدوث نزيف. ورغم أن النزيف عادةً ما يكون تدريجيًا، فقد يحدث فجأة وبشكلٍ حاد في بعض الأحيان.
• الشعور بالألم، خصوصًا في حالة سرطان المريء المتقدم.

كيف يتم علاج سرطان المريء؟

ينطوي علاج سرطان المريء في الأغلب، على الخضوع لجراحةٍ لإزالة السرطان. كما قد تشمل العلاجات الأخرى العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو مزيجًا من كليهما؛ويمكن استخدام العلاج الاستهدافي والعلاج المناعي في بعض الحالات.

هل بالإمكان الوقاية من سرطان المريء؟

يُجمع الخبراء على عدم وجود طريقةٍ مضمونة ونهائية للحيلولة دون الإصابةبالسرطان المريئي؛ ولكن يمكنكِ تقليل المخاطر في حال كنتِ تحرصين على القيام بالتالي:

• الاستفسار عن فحص سرطان المريء، خاصةً في حال الإصابة بمريء باريت.
• تجنب الكحول والتدخين.
• تناول المزيد من الفاكهة والخضراوات.
• ممارسة الرياضة معظم أيام الأسبوع.
• الحفاظ على وزنٍ صحي.

في الختام؛ فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن مرض باريت، أحد أبرز أسباب الإصابة بسرطان المريء، يُعدَ أمرًا في غاية الأهمية. لكن يبقى الوعي الكافي حول هذا المرض، واتباع كافة سُبل الوقاية، الركائز الأساسية لحماية نفسكِ ومن تحبين من سرطان المريء.

لذا واظبي عزيزتي على اتباع نمطٍ حياتي وغذائي صحي، وقومي بفحص سرطان المريء حسب الحاجة خاصةً في حال كانت لديكِ إصابة سابقة بمرض باريت.