ازياء وموضة | Peach Fuzz اللون المرجاني الخافت يتألق في طليعة الموضة الجديدة

إعداد: HEBA NOUMAN

تحمل كلمة “بانتون” معاني عميقة بالنسبة إلي.

خلال سنوات الدراسة الجامعية، شكّل “قلم بانتون” أداة مهمة وضرورية حين كنت أتخصص في تصميم الأزياء. استعملنا هذه الأقلام الرائعة الألوان والباهظة الأسعار من أجل رسم الأزياء، وكان شراء تشكيلة جديدة منها، أسبوعا تلو الآخر، مهمّة جدّية لكل طالب في كلية الأزياء. اليوم، وبعد مرور أكثر من عشرين عاما، ما زلت أفتخر بامتلاك هذه الأدوات التي تُعدّ أيقونية لكل تلامذة التخصصات الفنية، وأتوق إلى إخراجها من مخبئها حتى أعيد إحياء سنواتي الإبداعية.

محتفية بالعام الخامس والعشرين لبرنامجها، أعلنت “بانتــــــــــــون” لون عام ٢٠٢٤، وحملــــــــت إلى طليعة عالم الموضة هذه الدرجة المرجانية الخافتة الجديدة: “بيتش فاز” PEACH FUZZ أو “زغب الخوخ”.

أطلق معهد “بانتون” للألوان برنامج “لون العام” التعليمي في ١٩٩٩، من أجــــــــل إشراك مجتمــــــــــــع التصميم وعشاق الألوان حول العالم في نقاش حول الألوان. فنجحــــت في جــــذب الانتباه إلى العلاقة بين الثقافة واللون، وأظهرت كيف ينعكس كل ما يحدث على صعيد العالم من خلال لغة اللون. وقد ألهمتنا رؤية الألوان من وجهة نظر مختلفة والانتباه إلى ارتباطها بالعاطفة والتعبير، جامعة بين أقطار العالم بطريقة غير متوقعة.

منذ تقديم الأزرق السماوي CERULEAN BLUE كأول ألوان العام من “بانتــــــــــــون” على الإطــــــــــــلاق، أثّر هذا البرنامج في خيارات الشراء وتطوير المنتجات في معظم القطاعات والبلدان. عاما بعد آخر، تزداد شعبيته، ويظهر وقعه في مجالات الأزياء، ومستحضرات التجميــــــــل، والمفروشــــــــات المنزلية، والتصميم الصناعي، وتصنيع المنتجات، والديكورات التجارية. وكثيرا ما ألاحظ تداخلا بين الألوان التي تنتشر في العوالم الإبداعية، من الموضة إلى الديكــــور مرورا بالجمــــال وديكــــورات الأفلام، فتبدو كأنها كلها تتبادل الإلهام وتمدّ جسورا توحّدها.

للوصول إلى الخيارات السنوية، يبحث فريق خبراء الألوان الدوليين عن مصادر إلهام جديدة، تتراوح بين صناعة الترفيه، والفنانين الجدد، وصيحات الموضة، ووجهات السفر، إضافة إلى التكنولوجيا الجديدة ومنصات التواصل الاجتماعي المهمــــــــــــة. يمكن لأي شيء يحدث في ثقافتنا المعاصرة خلال السنة أن يؤثّر في خيارات “بانتون” للون العام، فيحمل كل عامل مؤثر ثقلا يختلف من سنة لأخرى، وفق ما يجري في مجتمعاتنا في تلك اللحظة. واللون المختار في النهاية يجتاز حدود منطقة جغرافية واحدة أو قطاع إبداعي واحد، ليعبر كل المناطق، ويصبح مزاجا يتغلغل إلى نمط عيش كل المستهلكين، مرددا صداه في جميع أنحاء العالم ومتحوّلا إلى صيحة من صيحات “اللايفستايل” الجديدة. ويعكس روح العصر على مستوى شمولي، بدلا من تمثيل اتّجاه فردي نستطيع العثور عليه فقط في الولايات المتحدة أو آسيا مثلا. إنه عالمي بالفعل.

الجانب العاطفي للّون يلعب دورا كبيرا في اتخاذ هذا القرار السنوي. وإن ما يدفع لونا فرديا أو مجموعة ألوان إلى الطليعة هو ضمان اختيار لون يعبّر عمّا يحدث في عالمنا في لحظة معينة.

إن قدرة “بانتون” على توقّع بعض أهم الدرجات اللونية في عالم الموضة لا تضاهى. فكانت درجة “فيفا ماجنتا” VIVA MAGENTA في العام الماضي حجر أساس لصيحة “باربيكور” التي هيمنت على عام ٢٠٢٣، لكننا نتوقع هذا العام أن تنزع الدرجات الخوخية الناعمة عرش الألوان من الوردي الصارخ، خصوصا بفضل جماليتها السهلة التقبّل والسهلة الاعتماد حتى في إطلالات موحدة اللون. وبعد أن شقّت الخامات المستوحاة من زغب الخوخ، مثل جلد السويدي، والنسيج المضلّع، والصوف المزأبر، طريقها إلى خزاناتنا، توقّعي تفسير لون العام بطريقة حَرفية مع هذه المواد الحسية المثالية للأزياء والإكسسوارات على حد سواء.

تتميز هذه الدرجة الذكية بقدرتها على لعب دور اللون الحيادي لدى جمعها بألوان قوية مثل القرمزي والزيتوني والبنفسجي، وهو ما يؤكّد إمكانية دمجها في إطلالات لافتة، وقد يعني أنها ستبقى من بين أهم ألوان عالم الموضة لفترة طويلة. تحمل هذه الدرجة الخوخية الجذابة، والتي وُصفت بأنها “تعشعش بنعومة في مكان بين الوردي والبرتقالي”، مزاجا باستيليا قديما ومعاصرا في آن معا، إلى أجواء موضة الربيع والصيف؛ ونجد في رقيها الهادئ نفحة رومانسية “فنتج”. إن ارتداء الدرجات الخوخية يأتي فورا بدفء حميم يحتضننا، ويمدّنا بالقوة والشفاء. وأما إن كنت تتساءلين عن السبب خلف القدرة العلاجية للّون الخوخي، فتقول اختصاصية العلاج بالألوان “جون مكلاود” إن اللون الخوخي يأتي في الأصل من درجة مرجانية تربطه ارتباطا قويا بالبحر.

أما عن اختياره لون هذا العام، فتقول “لياتريس آيزمان” ، المديرة التنفيذية لمعهد “بانتون” للألوان: “في بحثنا عن درجة تعكس توقنا الفطري إلى الألفة والتواصل، اخترنا لونا يشع بالدفء والأناقة العصرية. هو لون ينبض بالرحمة، ويمنح عناقا محسوسا، ويمدّ جسرا طبيعيا بين الشبابي والأبدي”

يبعث “زغب الخوخ” PEACH FUZZ نسمة عصرية جديدة، ويرسم مقاربة منعشة للتعامل مع النعومة الجديدة، فيعكس الماضي ويعيد تصوّره بما يتوافق مع عصرنا هذا.

هذا اللون النابع من القلب سيبرز دوما، لأنه كان لونا ذا صلة كبيرة بعصره، بعصر يحتاج فيه العالم أكثر من أي وقت مضى إلى الدفء والهدوء، بعصر ازدادت فيه أهمية السكون وإيجاد الملجأ كما لم تزدد يوما..