لايف ستايل | “إلغاء الرفاهيات ليس حلًا”… طبيبة نفسية تحدثنا عن التعامل مع الضغط العصبي وغلاء الأسعار

 إذا كُنتِ شابة أو امرأة مصرية فبالطبع تشعرين بتوتر عام مؤخرًا بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار السلع. سواءًا كُنتِ ميسورة الحال أو لا، لم تعُد الحياة كما كانت من قبل، وفي شهور قليلة تحوّل المبلغ الكافي من قبل لشراء رفاهيات اعتدتي وجودها إلى بالكاد يكفي للأساسيات أو لا يكفي. أنا أيضًا أشعر بالتوتر والخلل وأحاول تدريجيًا التأقلُم على الوضع الجديد وزيادة الأسعار. ولكن التحدي الأكبر والذي ألمس آثاره في معظم الناس من حولي هو الآثار النفسية المُترتبة على ذلك الغلاء. 

كيف يمكنك السيطرة على القلق والتوتر في هذه الأيام؟

مصدر الصورة:blog.thefabulous

العقل المُدبّر

عادة ما تكون المرأة هي العقل المُدبّر داخل المنزل. فأنتِ تضعين ميزانية للطعام وللمشتريات بشكل عام، وتحرصين على تغطية كافة المصروفات لكِ ولأطفالك. وتبدأ المُشكلة حين تشعرين بعدم القدرة على مواكبة التغيرات المُتزايدة من حولك في أسعار السلع والعجز عن تحديد ميزانية بعينها. 

نصائح لكل أم لتدبير ميزانية رمضان

جزء أساسي من يومي الآن هو قراءة منشورات يومية لسيدات تسأل عن كيفية تدبير المنزل بمبلغ معين من المال كل شهر، أو عن بدائل أرخص للمنتجات التي اعتدن شرائها وأصبحت الآن تفوق قدراتهم المادية. في نفس الوقت، وجود أطفال في المنزل يُزيد المُهمة تعقيدًا… فإذا استطعتِ التاقلم أنتِ وزوجك، كيف تُقنعين أطفالك بالمرونة اللازمة لتقبُل الأمر، وكيف تتعاملين مع شعورك بالإحباط والعجز بسبب عدم قدرتك على توفير الأفضل لأطفالك؟

مصدر الصورة:asafacon.fr

خلال الأزمات؛ المالية بشكل خاص، تتأثر شخصياتنا بدرجات مُتفاوتة، منا من تُجيد التعامل مع الضغوطات المُستمرة وتتفنّن في الخروج بحلول متنوعة وتجد في ذلك إنجازًا كبيرًا. ومنا من تنهار تمامًا أمام تلك الضغوطات وتعجز كُليًا عن التعامل مما يؤدي إلى الكثير من الاضطرابات النفسية والاكتئاب. وتتعامل بعض السيدات والفتيات أحيانُا بمنطق “اصرف ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب” كآلية دفاع نفسية ضد الأحداث وللشعور المؤقت بالسيطرة والقدرة على الإلمام بزمام الأمور.
لهذا، سأحاول في هذا المقال تغطية الجانب النفسي لارتفاع الأسعار وتأثيره علينا. وكيف نتجنّب الأثار السلبية الناتجة عنه.

ما هي أسباب المشاكل النفسية ولماذا يجب طلب المساعدة؟

رأي المُتخصصين

سألنا سلمى الديب “طبيبة نفسية ومُعالجة بطريقة العلاج المعرفي السلوكي” عن الآثار النفسية الناتجة عن التعامل مع غلاء الأسعار وكيفية التعامل معها…

ما هي الاضطرابات النفسية التي قد تنتج عن أزمات كغلاء المعيشة وارتفاع أسعار السلع؟

 أي خلل في الوظائف اليومية التي اعتدتي عليها من الممكن أن يكون بداية لعرض نفسي. وأي خلل في معدل ساعات النوم أو الشهية سواء بالزيادة أو النقصان، القدرة على تأدية العمل أو المهام المنزلية أو اللجوء للعزلة والانسحاب من العلاقات. إذا تغيّر نمط أي من السابق لمدة أسبوعين إذن فهي علامة اضطراب يجب الوقوف عنده.

هل هُناك فئة مُعرّضة أكثر من غيرها للاكتئاب أو التوتر؟

نعم، الأشخاص شديدي الحرص في حياتهم وأي خروج عن الخطة يُشعرهم بالذعر والهلع. هؤلاء الأشخاص أكثر عُرضة للاكتئاب ولاختبار الاضطرابات النفسية الناتجة عن ارتفاع الأسعار. كما يُعاني أي شخص لديه سمات وسواس قهري “OCD” لشعوره بالتهديد وخروج الأشياء عن سيطرته.

كيف نكون واعيين للآثار النفسية؟ وكيف نتغلب عليها؟ بعبارة أخرى “مش أنا السبب” 

ملاحظة التغيير هي المفتاح الرئيسي لتخطّي الأزمة. يجب تحديد التغيير أولًا وتصنيفه، ثُمّ وضع خطة للرجوع إلى المسار الطبيعي. إذا كان التغيير في ساعات النوم مثلًا فيجب مُحاولة الرجوع لساعات النوم المُعتادة، وهكذا…
-إذا تطوّر الأمر إلى نوبات هلع، نلجأ إلى تمارين التنفس وممارسة اليقظة الذهنية للوعي بحقيقة الأشياء. مُمارسة التمارين الرياضية قد تُساعد أيضًا للحد من الإجهاد والضغط النفسي.
-إذا كُنتِ بالفعل تُتابعين مع متخصص فعليكِ الرجوع إليه وعدم إيقاف الأدوية بدون الرجوع للطبيب.
-البُعد عن تناول المُهدئات بدون استشارة الطبيب. كل هذه الأشياء هي خطوات فعالة للتغلّب على الآثار النفسية الناتجة عن زيادة الأسعار.

هل ممكن أن يتطور الأمر لأمراض جسدية؟

نعم، لأن جزء كبير من الأمراض الجسدية قد ترجع لوجود سبب نفسي. ويوجد بالفعل مُصطلح معروف ب “أعراض الجسدنة” وهو عندما يُعاني الشخص من أعراض جسدية بدون تفسير واضح وبدون وجود أي سبب حقيقي فيكون السبب خلفها نفسي بالأساس.

هل تداعيات التوتر والاضطرابات تؤثر على استقرار الأسرة بشكل عام وتُزيد من الخلافات؟ وماذا نفعل حتى لا نقع في هذا الفخ؟

بالطبع، خاصة عندما يكون الشخص المُضطرب هو مُقدّم الرعاية “كالأم”. في هذه الحالة تتأثر الأسرة ككل وقد يتأثر الأطفال لشعورهم بالتوتر والقلق من البيئة المُحيطة وهو ما يتسبّب في النهاية بالتأثير سلبًا على الجو الأسري ويزيد من الخلافات داخل المنزل.
ولتخطّي هذه الاضطرابات يجب التخطيط بعقلانية ومُحاولة استبدال بنود الإنفاق ببنود أخرى أكثر أهمية، مع الحرص على عدم إلغاء جميع الرفاهيات، لأن الصحة النفسية ليست رفاهية ووجود مساحة لتفريغ الضغط هو أمر ضروري لكِ ولأولادك.

مصدر الصورة:asafacon.fr

أعرف تمامًا أن الفصل بين الأزمات اليومية وبين شعورنا تجاهها أو تجاه أنفسنا صعب. ولكن، أذكر نفسي أولًا وأذكركم معي أن الصحة النفسية أولوية. لستِ السبب في غلاء الأسعار، ولستِ السبب في عجزك عن إصلاح كل شيء من حولك. يُمكنك اللجوء للاستشارة النفسية إذا شعرتِ بعدم قدرتك على مواجهة الظروف، أو إذا شعرتِ بأنكِ تُحملين نفسك فوق طاقتها. يُمكنك طلب المُساعدة والدعم من أسرتك والتفكير معًا لتخطّي الأزمة. لا تضغطي نفسك تمامًا، لأن الضغط المُستمر سيؤدي بكِ إلى تبعات أكبر وأعمق ستؤثر في كل جوانب حياتك وفي علاقتك بأسرتك وأصدقائك. 

مصدر الصورة الرئيسية: herviewfromhome.com