كيف تربي أبناء ناجحين في المستقبل؟

سواء كنت متابعة لمبارايات كأس العالم أم لا، فبالتأكيد لفت نظرك مشاهد اللاعبين المغربي أشرف حكيمي وسفيان بوفال مع والدتهما والتي تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولا نخفي عليكم جميعنا وقعنا في غرام هذه الصور، فهي ليست مجرد صور يمكن أن تراها وتختفي من ذهنك ولكنها ستظل خالدة لفترة طويلة، فهي أشبه بلوحة نابضة بمشاعر الحب والتقدير والعرفان من قبل اللاعبين المغربين تجاه والدتهما وبالمجهود الذي بذلته كل منهما من أجل اللاعبين حتى يصبحا ما هما عليه اليوم.

اللاعب المغربي أشرف حكيمي مع والدته

ورغم سعادتنا البالغة بهذه الصور، إلا أن هناك سؤال تبادر لذهننا وهو ماذا فعلت والدة حكيمي وبوفال حتى تربي رجل ناجح؟ الحقيقة السؤال ليس تحديدًا لوالدتا “حكيمي” و”بوفال” ولكن لجميع الأمهات اللاتي نجحن في تربية أبناء ناجحين.

اللاعب المغربي سفيان بوفال مع والدته

‘وراء كل طفل صغير يؤمن بنفسه والدٌ آمن أولاً.’- ماثيو جاكوبسون

أعلم أن جميع الأمهات تبذل ما في وسعها لكي تربي أبناء ناجحين، ولكن قليلات هن من ينجحن في ذلك. من هنا أردنا أن نساعد كل أم ونقصر عليها المسافة ونضع لها دليل مصغر يساعدها في تربية طفل سوي نفسيًا…

ملاحظة: نحن هنا لا نصدر أحكامًا ولا نقول أنك مقصرة وعليك فعل المزيد ولكننا هنا لأننا نؤمن أنك تريدين فعل الأفضل دومًا لطفلك، وهذا ما نريد مساعدتك به.

-اشركي الأب

أعلم أن أمهات كثيرات ينزعجن عندما يشركن الأب في التربية، فهو يبدأ بإصدار الأوامر ويفسد عليهن النظام اللاتي وضعنهن، وأخريات يرفض الأب من الأساس أن يشترك في تربية الأبناء. ولكن صدقيني إذا أردت أن تربي طفل “سوي نفسيًا وناجح بحياته” اشركي الأب في التربية واتفقا سويًا على نهج واضح. فهذا سيشعر الطفل بالاكتفاء من كلا الأبوين، وسيشعر بأنه لم يعد هناك صراع بين الأبوين. فالطفل ذكي بطبيعته ويمكن ببساطة أن يكتشف أنك أنت ووالده تختلفان فيما يخص تربيته. لذا نجد الكثير من الأطفال يستغلون ذلك لصالحهم. وهنا بدلًا من أن ننشء طفل سوي، ننشء طفل استغلالي.

– التجربة أفضل دومًا

في دراسة أجريت عام 2021 بقيادة الأستاذة بجامعة ستانفورد جيلينا أوبرادوفيتش، تم إثبات أن الأطفال الذين يجربون فعل الأشياء بأنفسهم ويكتشفونها يتعلمون أكثر من الأطفال الذين يصدر آباؤهم عدة أوامر لتعليمهم فعل الأشياء بشكل صحيح. والهدف من هذا هو أنك تمنحين الطفل الثقة بنفسه من خلال شعوره بأنك تثقين فيه وبالتالي فهو لا يخشى التجربة فيما بعد.

– انشئا علاقة صحية مع أطفالكما

سواء كنت أم أو أب أو كلاكما فهذا لا يعني أنه توجد علاقة صحية مع أطفالكما. فإذا كنتما تريدان أن تربيا أطفال أسوياء وناجحين بحياتهم في المستقبل فعليكما بخلق علاقة صحية معهما. فالعلاقة الصحية أساسها الأب والأم أولًا، فمثلا لا تتشاجرا أمام الأطفال حتى لا يكبروا ويعتقدوا أن العنف والصوت العالي هو شيء طبيعي وعادي، لا تكذبا أمام أطفالكم ولا عليهم حتى لا يفقدوا الثقة فيكم ثم في الجميع.

-الأعمال المنزلية

في مرة من المرات سألت والدتي لماذا أنا وأخي لا نتشاجر مثل باقي الأشقاء حول من سيعد القهوة ومن سيرتب الغرف وغيرها. أخبرتني ببساطة أنها اعتادت منذ أن كنا صغارًا أن تساوي بيننا في الأعمال المنزلية، لذا كبرنا وكل منا يعتمد على نفسه وليس على الطرف الآخر. لذا فهي قامت بتربية رجل يمكنه الاعتماد على نفسه في الأعمال المنزلية وليس على شقيقته أو زوجته في المستقبل والأمر كذلك بالنسبة للفتاة.

-لا تضعي نفسك تحت ضغط

الأمومة صعبة والشعور بالضغط العصبي شيء طبيعي، ولكن لا تضعي نفسك تحت مزيد من الضغط حتى تكوني “الأم المثالية”. فطفلك ليس بحاجة سوى أن تكوني “أم حقيقية” تشعرين به ويشعر بك، لأنه يبدأ في اكتشاف العالم من خلالك. لذا رؤيته لك مضغوطة طوال الوقت سيجعله هو بالتبعية كذلك، لذا عندما يكبر ستجدينه يفعل مثلك تمامًا، إما أنه يرفع صوته تعبيرا عن ضغطه أو يبدأ في تحطيم الأشياء أو أنه دائم العبوس. فهو مرآة لك.

-علمي طفلك الجرأة

نحن لسنا أسوياء ١٠٠٪ ولا يمكن لأحد أن يجزم بأنه سوي تمامًا، ولكننا نحاول جاهدين لنكون إلى حد ما أسوياء. وكون أن الشخص سوي لا يعني أنه فقط لا يؤذي غيره ولكن نفسه بالتبعية. فهل صادفت يومًا شخص يخشى كل شيء ويشعر دومًا بأنه مهدد أو أن الخوف يتملكه؟ فهو هنا لا يأذي غيره بالتأكيد ولكنه يؤذي نفسه ويحرمها من الاستمتاع بكثير من الأشياء. بعض أطباء الصحة النفسية يفسرون الأمر هنا أن هذا الطفل لم يتعلم الجرأة منذ صغره وفي الغالب كانوا أهله يثيرون بداخله الخوف دومًا، وبالتالي عندما كبر أصبح يختار أكثر الأشياء أمانًا حتى لو كان ذلك على حساب تطوره ونجاحه.

-التقدير بدلًا من التوبيخ

هل تريدين أن يعترف ابنك/ابنتك بمجهود والديه في المستقبل؟ حسنًا، اعترفي أنت بمجهوده حاليًا وقدريه. فبدلًا من توبيخه لفشله في أمر ما، أو لعدم إتمام أمر ما بشكل صحيح ومثالي، اظهري له تقديرك لمجهوده ومحاولته وساعديه على أن يحاول مرة أخرى. بهذه الطريقة ان تربين رجلًا/ فتاة تعترف وتقدر محاولات الغير في المستقبل، ولا تنكر مجهود أحد بدءًا من والديه وحتى جميع الأشخاص من حوله.

-اسمحا بالفشل

لا أحد يريد رؤية أطفاله يفشلون، ولكن هل من الممكن أن يتعلم أحد منا دون أن يفشل؟ كونكما والدان تخشان على مصلحة أطفالكما هذا أمر رائع، ولكن السماح بالفشل يعلم الأطفال ويجعلهم يتقبلون ويحتضنون فشلهم في كل مرحلة ولا يقابلونه بالنكران والغضب والعدوانية. فنحن نفشل مئات المرات في الحياة كما ننجح مئات المرات، فالفشل والنجاح هما خليط لا ينفصل في هذه الحياة. لذا اجعلي ابنك/ ابنتك سوي ويتقبل فشله ويحتضنه ويقوم سريعًا ليحوله إلى نجاح.

-علمي ابنك/ابنتك كيف يتخذ قراره بنفسه

هل تعرضت لموقف ما ورأيت رجل دائمًا بحاجة لأن يرجع شخص ما في قراره أو أنه لا يثق في قراراته دومًا أو امرأة ناضجة ولكنها لا تحسن اتخاذ قرارها بنفسها ودائمًا تحتاج لمساعدة من شخص ما؟! هؤلاء لم يصبحا كذلك بين يوم وليلة، ولكنهما تربيا على عدم اتخاذ قراراتهما بأنفسهما. لذا كبروا وهم يفتقدون مهارات تقدير الأمور ومعرفة ما الأفضل لهم وما الذي يجب عليهم فعله وما الذي يجب عليهم رفضه. بمعنى آخر لقد كبروا بشخصيات ضعيفة تحتاج دائمًا لمن يوجهها ويصوبها للمسار الذي يجب أن تتخذه.

-أخيرًا، اجعلي ابنك/ ابنتك منفتحين على العالم دومًا

نحن مختلفون هكذا خلقنا وهكذا سنبقى، لذا اجعلي ابنك/ ابنتك منفتحين على الاختلافات دومًا، اجعليهم يعلمون أن هناك شعوبًا أخرى، بشر أصحابا ثقافات ولهجات مختلفة، اجعليهم يعرفون أننا جميعًا مختلفون ليس فقط في الشكل ولون البشرة ولكن  في التفكير أيضًا، اجعليهم متقبلين لهذه الاختلافات بصدر رحب ومؤمنون بأن اختلافهم لا يقل منهم شيئًا وأن لكل منا ما يميزه عن غيره، اجعليهم يتقبلوا آراء غيرهم دون أن يواجهونها بالتعصب والعدوانية حتى وإن كانت لا تروق لهم، فسماعهم لها لن يضر بهم شيئًا.

تربية أبناء أسوياء وناجحين شيئًا صعبًا ولكنه ليس مستحيلًا.