تطوير الذات | كيف تتقنين فن الرد وتحولين كل حديث إلى حوار مثير

رغم أن فنون الرد والحوار أصيلة في التراث والثقافة العربية، كما يُمكن اكتسابها بسهولة عبر التدريب والتركيز؛ إلا أن تعدد الثقافات واختلاطها في المجتمعات جعلّت النقاشات بين الأشخاص بصفة عامة؛ ساحة للتبارزالفكري، والتصادم في بعض الأحيان، وخصوصًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والاتصالات الحديثة التي أتاحت إمتدادها إلى عدة أيام، ومحاولة كل الأطراف الانتصار على الآخرين، وإثبات وجهة نظرهم.

وبما أن السلاح الأمثل لتعلم فن الرد هو الردود السريعة والذكية التي تخرج الشخص من الحوار منتصرًا لوجهة نظره. لذا تتبعّي السطور القادمة عبر موقع el3rosa لتتعلمي كيف تتقنين فن الرد، وتحوّلين كل حديث إلى حوار مثير؛ بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرة الدكتور علاء حسن من القاهرة.

نبذة مختصرة عن ارتباط فن الرد بفنون أخرى داعمة

وبحسب دكتور علاء، قبل التطرق إلى كيفية تعلم فن الرد بأساليب بسيطة وملائمة لكل امرأة؛ يجب تفسير بعض الفنون المرتبطة بفن الرد، وذلك على النحو التالي:

فن الدبلوماسية

منذ القِدم، نشبت الحروب، وما تزال، بسبب انحسار هذا الفن ودوره في الساحات الدولية، ولولا وجوده، أصلًا، لشهدنا حروبًا أخرى تفوق ما جرى سابقًا، وما يجري حاليا، بأضعاف مضاعفة، فهو الفن الذي بات يستخدم، ولو بحدوده الدنّيا، في كافة المجالاتا، بدءًا من السياسة والعسكرة، مرورًا بالاقتصاد، ولا ينتهي عند التعاملات اليومية أو الاجتماعية أو العائلية ولا حتى الثنائية بين أي شخصين يتحاوران.

فن الردود الذكية

الرد الذكي شامل لكل أنواع الردود المحتملة، فقد يأتي على شكل صمت، وقد يكون ساخرًا ولكن جوهريًا، وربما يجيء على شكل ابتسامة، أو هزة رأس. قد يكون كلاميًا، وقد يكون حركيًا. وبمجرد أن يأتي بنتيجة سيعتبر ردًا ذكيًا ولا شك. علمًا أن الأهم في هذا الفن هو ” الرد اللفظي”، إذ يشترط ليكون ذكيًا أن يأتي حاسمًا، وحازمًا، وقويًا، ودقيقًا لا لبس فيه، ولكن لهذا الرد شروط أخرى يجب إدراكها على حسب الموقف.

فن الرد المهذب

قدلا تتوفر لكِ البيئة الدائمة لتقدم ردكِ القوية والحازمة، فربما يكون حواركِ مع رئيسك في العمل، وربما مع مسؤول، أو ربما يكون الحوار مع طرف آخر يمتلك بيّنات على موقفه أكثر منكِ؛ وهنا لا يمكن لكِ أن ترفعي صوتكِ، لكن في المقابل لا يجوز لكِ، بحكم أنكِ محاورة، أن تستسلمي. أنتِ هنا لتحاوري وتنجحي. في هذه الحالة، ووفق المعطيات، يبرز الرد المهذب، وهذا النوع تحديدًا محكوم بثنائية اللسان والجسد معًا، وعليكِ أن تقدمي حركات وإيحاءات للطرف الآخر تُخفف من توتره المحق، وكذلك استخدام بضّع كلمات رزينة، وهادئة محسوبة على التهذيب. كي لا تخسري المعركة، فعلى الأقل ستنجحين في ترتيب جلسة أخرى تستدعين فيها كل ما يدعم موقفك، المحتاج، أصلًا، لتقوية.

تعلمي فن الرد على الآخرين بهذه الأساليب

وتابع دكتور علاء،أنتِ الآن في قلب المعركة، ولستِ في حوار على الهاتف. هنا يفترض أنك أحد ثلاثة: أقوى من الآخر، أو أقل منه، أو النسبة متكافئة بينكما. وفي الحالات الثلاث أنتِ في مواجهة، وللمواجهة أساليب خاصة أثناء التحاور، وهذه الأساليب ليست صنيعة الإعلام أو الأدب، بل صنيعة الدبلوماسية، وعليكِ الالتزام بها وتنفيذ أحدها في أي موقف تكونين فيه، وذلك على النحو التالي:

أسلوب المواجهة المباشرة

هو أول الأساليب المحبذة في الحوار، والدبلوماسية تفضله على بقية الأساليب. في المواجهة المباشرة يجب أن تكوني الند للند، وقد تصلين إلى مرحلة ترمي فيها أوراقكِ المخبأة قبل موعدها الافتراضي. إذ يتوجب عليكِ إيهام الطرف الآخر بأنكِ أتيت إلى هذه الجلسة محملةً بكافة الأسلحة، ولا شيء يقنع الآخر بذلك إلا أسلوب المواجهة المباشرة أو بمعنى آخر موقف الند للند، حيث الكلمة بكلمة، والجملة بجملة، وقد ترفعي نبرة صوتكِ في هذه الحالة إلى مستوى نبرة صوته، مع الحفاظ على أخلاقيات الدبلوماسية بطبيعة الحال.

أسلوب التجاهل

هذا بالتحديد، ساحة خاصة للمحاور، وقد تضطرين للخروج فيها عن الخط المرسوم مسبقًا، وعادةً يجري ذلك حين يتعالى الطرف الآخر، أو يقلل من قيمتكِ أو قيمة بند معين في القضية المثارة. هنا يُمكنكِ تجاهل ما قاله، وربما تشغلي نفسك بشيء آخر، أو قد تغيرين الحديث بالدخول في موضوع جانبي غير مهم.

أسلوب توجيه الأسئلة القوية

الأسئلة القوية سلاح فتاك، وبخاصة إذا كانتِ محرجة، وفي الغالب يحتفظ  المحاور الدبلوماسي بها إلى حين معين، ولكن في لحظة ما، قد لا ترين نفسكِ مضطرة لمواجهة مباشرة، ومفتوحة مع الآخر، ولا ترين الظرف مناسبًا للتجاهل، فيستعاض عن ذلك بأسئلة قوية تكون غالبًا كفيلة بقلب الطاولة رأسًا على عقب. وتساعد هذه الطريقة، غالبًا، على خلط الأوراق، وبخاصة إذا كان الطرف الآخر واثقا من نفسه قبل ذلك، ومتعاليًا عليك.

تعلمي فن الرد  المهذب والذكي على الآخرين  بهذه الطرق

ووفقًا للدكتور علاء، هناك نوعين من الردود، الرد المهذب والذي تحدثنا عنه، والذي غالبًا يكون مقرونًا بالحركة والكلام معًا؛ والرد الذكي الذي يتشعب إلى أنواع، منها: “الصامت، ومنها الحركي، ومنها اللفظي، ومنها التجاهلي”، وفي النوعين خلاصًا من المشكلة،  علمًا أن الأول قد يُمدد عمر المشكلة ولكن لصالحكِ. ولاكتساب النوعين في تعاملاتكِ، عليكِ الأخذ بعين الاعتبار الطرق التالية:

اختاري المكان المناسب

بكل تأكيد، لا يُمكنكِ أن تُحاوري رئيسكِ في العمل أمام مجموعة من الموظفين، ولو علا صوت الرئيس عليه. هنا يكون المكان المفضل مكتب رئيس العمل، وربما منزله، وفي أحيان أقل شيوعًا الهاتف.

اختاري التوقيت المناسب للرد

الزمان كالمكان، عنصران رئيسان في أية مسرحية، وعادةً يكون الحوار، مهما بلغت الدبلوماسية فيه، شقًا من شقوق المسرح. على ذلك يجب اختياركِ التوقيت المناسب للحوار مع رئيس العمل، وعلى سبيل المثال: “لا يمكنكِ أن تُحاكي رئيسكِ وهو منفعل، أو حين يكون ملتزمًا بمواعيد عمل”، بل يجب ترك الأمور لوقت آخر يصبح فيه الطرف الآخر أكثر استجابة.

ابدأي الرد بعبارة إيجابية

مهما كان الكلمات التي تعرضّتِ لها من الآخر صعبة على التقبل، فلا بأس أن تبرزي نفسكِ كمحاورة حقيقيةتتمتع بدبلوماسية عالية، والأفضل دائمًا انتقاء العبارات المفتاحية المحببة والمهذبة. مثلا: “كلامك صحيح يا سيدي، ولكن لو سمحت لي فإنه لي تعقيب على ذلك… إلخ”.

اطرحّي سؤالًا

السؤال يبقى السلاح الأمضى في أي معركة كلامية، فكثيرًا ما نعجز عن إجابة على كلام الطرف الآخر، والظرف لا يسمح بالصمت الذي سيؤدي إلى الهزيمة، هنا يصبح من السليم أن تفتحي طريقًا جديدًا للحوار من خلال سؤال توجهيه يكون على صلة بالقضية المطروحة.

استخدمي العتاب

نستطيع توبيخ أكبر المحاورين من دون توجيه أية عبارة غير لائقة له. العتاب، تلك اللغة البديعة التي تنهي مشكلات لصالح الطرف الأكثر قدرة على استخدامها، ويشبه بمفعوله، تماما، أسلوب “الرد الساخر”، ولكنه يبدو أكثر لياقة منه. يكفي أن تُعاتبي بلغة تسمى اجتماعيًا ” كلام بالرد” فتُقزّمي الآخر بكلمات منتقاة، أو بسرّد قصة قصيرة فيها رسالة بليغة للآخر تكون جوابا منكِ على هجومه أو معاكسته لنا.

تمهّلي أثناء الحديث

الاندفاع في الحديث قد يجعلكِ تقولين أشياء تندمين عليها؛ لذا حاولي أن تتمهّليقليلًا وتفكّري في كيفية عرض حديثكِ، وهو ما يضفي تأثيرًا على من تحدثينه، كي لا يشعر بأنكِ تهاجمينه، وليصبح ميالًا أكثر للاقتناع برأيكِ.

تجنّبي العنّاد

العناد يُضعف من موقفكِ في الحديث، فإن لم تمتلكين المعلومات الكافية لإثبات وجهة نظركِ، فلابد أن تتوقفي عن الحديث، ثم تُعيدّي الحوار في وقت آخر.

لا تقفّي موقف المدافع

إن الوقوف في موقف المدافع أمام الشخص المسيء سيعطيه مساحة إضافية لاستفزازكِ؛ ما يعني ذلك، عدم حاجتكِ لتبرير موقفكِ باعتباركِ متّهمة، وعدم أخذكِ الموقف بصورة شخصية، واعتباره انتقادًا عامًا لا يمسكِ على وجه التحديد.

كوني  مثقفة

فن الرد لا يأتي إلا بوجود قدر كافٍ من الثقافة اللغوية والعامة، فعبر اللغة يمكن انتقاء الكلمات المناسبة للمواقف والمواضيع المختلفة وقولها في مكانها الصحيح، بينما الثقافة العامة تمكّنكِ من الحديث في كل المواضيع الهامة بتفاصيلها الدقيقة، لذا عليك بالقراءة اليومية في مختلف المجالات، بدءًا من قراءة الصحف، ومتابعة أبواب الرأي والتقارير الإخبارية في السياسة والاقتصاد والثقافة. كما ينصح بتعلم لغة جديدة أو التمكن من لغتك الثانية؛ لأن الدراسات تؤكد أن تعلم لغة جديدة يزيد من نسبة الذكاء عند الإنسان وسرعة بديهته.

تأكد أن الرد الحاسم لا يأتي إلا بالإنصات

الاستماع إلى محدثكِ جيدًا والتركيز فيما يقوله، أهم النقاط التي تساعدكِ على الرد الصحيح والمباشر، فيجب عدم مقاطعة المتحدث لعدم استفزازه، وحتى يشعر أنكِ مهتمةبما يقول، فيكون منصتًا جيدًا لكِ عند دورك في الرد، كما يجب أن تطلبي منه إعادة الأجزاء التي لم تفهميها جيدًا، وهو ما سيضاعف شعوره بالاهتمام، وهذا أول طريق الرد الحاسم.

وأخيرًا، يُفضل عدم الرد إذا كان ذلك سيسبب إساءة مباشرة لشخص ما، أو يجرح مشاعره، كما لا يُنصح بالرّد اذا كان ذلك سيجعلكِ عدوانية أو محدودة التفكير، وهناك بعض الردود التي يجب الابتعاد عنها لأنها قد تثير غضب الطرف المقابل، أو تزيد غضبكِ، ويجب عدم الرد إذا كان هذا سيقودكِ إلى مشكلة حقيقية.