الصحة والرشاقة | مقاومة الأنسولين ومقدمات السكري – el3rosa

باعتبار نوفمبر هو شهر التوعية بمرض السكري، تُقدم هذه المناسبة السنوية فرصةًلدعم ملايين مرضى السكري حول العالم. وقد يكون 14 نوفمبر هو اليوم العالمي للسكري، والذي تُنظَم خلاله أكبر حملة توعية بمرض السكري في العالم، لإلقاء الضوء على المخاطر الصحية لهذا المرض على مستوى العالم؛ إلا أن هدف التوعية يمتد لبقية أيام الشهر، بغية نشر الوعي حول قضايا الرعاية الصحية المتعلقة بمرض السكري وحلولها لما يزيد عن مليار شخص في أكثر من 160 دولة حول العالم.

ولابد من الإشارة هنا في هذا الصدد، إلى أن انتشار النوع 2 من داء السكري آخذٌ في الارتفاع داخل دولة الإمارات؛ وهو المرض الذي يرتبط غالبًا بأنماط الحياة السيئة مثل تدهور جودة النظام الغذائي وقلة النشاط البدني وارتفاع معدلات الإصابة بالسُمنة، في حين أن عدد المصابين بحالة ما قبل السكري يرتفع أيضًا في الدولة. ويُقدَر الاتحاد الدولي للسكري وصول عدد المصابين بالسكري في دولة الإمارات إلى 1.17 مليون مريض بحلول عام 2030.

أرقامٌ مخيفة ومقلقة تستدعي تحركًا كبيرًا وفوريًا من قبل الجميع، سواء أفراد المجتمع أو الحكومات وكذلك الجسم الطبي. لماذا؟ لأن تزايد أعداد المصابين بالسكري خلال السنوات القادمة، يعني زيادة الفاتورة الطبية للعلاج والمتابعة؛ وصولًا إلى زيادة أعداد الوفيات نتيجة مضاعفات داء السكري. وأول هذه التحركات تتمحور حول تحسين نمط الحياة لتجنب ما يُعرف ب “حساسية الأنسولين” أو “مقاومة الأنسولين” والوقاية من السكري.

وهو ما نتعرف عليه سويًا مع الدكتور سهيل أشرف، استشاري طب الغدد الصماء في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري ومبادلة للرعاية الصحية دبي؛ والذي يقدم معلوماتٍ هامة حول هذا الموضوع.

مقاومة الأنسولين وما قبل السكري

يشرح لنا الدكتور أشرف مسألة مقاومة الأنسولين، التي ترتبط بشكلٍ مباشر بالإصابة بالسكري من النوع 2؛ وهي الحالة التي تضع الشخص في مرحلة ما قبل السكري، مُسلطًا الضوء على أهمية التدخل المبكر والوقاية من مضاعفاتها الخطيرة على الصحة.

مقاومة الأنسولين هي حالة تعجز فيها خلايا العضلات والدهون والكبد عن الاستجابة المناسبة للأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن ضبط مستويات السكر في الدم. وفي هذه الحالة، يفقد الجسم قدرته على إدارة مستويات الجلوكوز بشكلٍ مناسب، الأمر الذي يقود لارتفاع مستويات السكر في الدم. 

يتتسبب ذلك في حدوث مجموعةٍ من المشاكل الصحية، أبرزها الدخول في حالة ما قبل السكري، والتي تقود للإصابة بالسكري من النوع 2 في نهاية المطاف في حال عدم الاستجابة لها بالشكل المناسب.

إن ما يزيد من مقاومة الأنسولين سوءً، هو أن هذه الحالة تحدث غالبًا دون أية أعراضٍ واضحة، لذلك ينطوي الوعي والفحص الدوري على أهميةٍ حيوية. وحول ذلك، قال الدكتور أشرف: “إن مقاومة الأنسولين حالةٌ صحية ترتبط بشكلٍ وثيق بالإصابة بالسكري من النوع 2.”

سُبل الوقاية من مقاومة الأنسولين وما قبل السكري

لا يختلف إثنان على أن الحياة الصحية والنشيطة، هي عمود السلامة والعافية في معظم مراحل حياة الإنسان؛ وهي بالتأكيد الركيزة القوية التي من خلالها نحمي أنفسنا من أمراضٍ عدة، منها مقاومة الأنسولين ومرض السكري.

ويساهم النشاط البدني في تقليل مقاومة الأنسولين، في حين يحمي النظام الغذائي الصحي والمتوازن من الارتفاع الكبير والمفاجئ في سكر الدم. وفي هذا الشأن، أوصى الدكتور أشرف بتجنب الكربوهيدرات المكررة والمشروبات الغنية بالسكريات، بمقابل التركيز على استهلاك الحبوب الكاملة واللحوم منخفضة الدهون والخضروات. كما أكد أيضًا على أهمية الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ليلًا، نظراً لدور قلة النوم في زيادة مستويات هرمون الكورتيزول أو ما يُعرف بهرمون التوتر، والذي يُفاقم من حالة مقاومة الأنسولين.

وأوضح الدكتور أشرف أن إدراك عوامل الخطر المرتبطة بحالة ما قبل السكري، أمرٌ في غاية الأهمية. ويشتمل ذلك على التاريخ العائلي، وقلة النشاط البدني وزيادة الوزن، خصوصًا مع تراكم الدهون في منطقة الخصر. وأضاف: “بتغييراتٍ بسيطة في أنماط الحياة، يمكن عكس حالة ما قبل السكري أو تأخير حدوثها، وتجنَب مضاعفاتها التي تصل لحدود الإصابة بالسكري.”

خسارة الوزن وعلاقتها بدرء مرض السكري

وأشار أشرف إلى العمل المبتكر الذي قام به زميله البروفيسور روي تايلور في جامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة؛ إذ نجحت أبحاثه في تحقيق تحوَلٍ جذري في فهم مرض السكري من النوع 2. فقد أظهرت تجربته السريرية لعلاج مرض السكري، ما يمكن لخسارة الوزن تحقيقه على مستوى تحسين حالة مرضى السكري. ومهَدت هذه الدراسة الثورية طريق العديد من أنظمة الرعاية الصحية، نحو تقديم برامج مُكثفة لإدارة الوزن ليستفيد منها مرضى السكري.

هنالك انطباعٌ خاطئٌسائد بين أفراد المجتمع، مفاده أن مراقبة سكر الدم والأدوية هي أمورٌ ضرورية فقط للمصابين بالسكري. لكن الحقيقة مغايرة؛ إذ أن تغيير أنماط الحياة، والأدوية عند الحاجة، يمكنها تحسين حساسية الأنسولين بشكلٍ كبير، والوقاية من مضاعفاتٍ أكثر حدة لاحقًا.

وبالنسبة للمُعرَضين لخطر الإصابة، أضحت أجهزة المراقبة المستمرة لسكر الدم أداةً حيوية؛ حيث تتيح هذه الأجهزة مراقبة سكر الدم بشكلٍ مباشر، وتقدم معلوماتٍ هامة حول كيفية استجابة الجسم للوجبات، والتمارين الرياضية، والنوم.

وشجع الدكتور أشرف على تبنَي منهجيةٍ استباقية بالقول: “الاستجابة مبكرًا تزيد من فرص الوقاية من السكري من النوع 2.” مشيدًا بالتزام دولة الإمارات بالتثقيف الصحي والرعاية الوقائية،ومؤكدًا على الدور الإيجابي لهذه الممارسات الواعية. فالبرامج التي تُشجَع على الغذاء الصحي والنشاط البدني تُعتبر عناصر أساسية في رحلة التصدي لمرض السكري.

واختتم الدكتور أشرف برسالةٍ مفادها: “سيطروا على مرض السكري، أو ستجدون أنفسكم تحت رحمته.”

خلاصة القول؛ إن حماية أنفسنا من مرض السكري لا تتطلب خلطةً سحرية ولا تركيبةً عجيبة، وإنما اتباع بعض الإرشادات والنصائح الحياتية والطبية. على رأسها التخلص من الوزن الزائد؛ ممارسة المزيد من الأنشطة البدنية، خاصةً الأنشطة التي تحبين؛ تناول أطعمة صحية وتحديدًا النباتية منها؛ تناول الدهون الصحية كتلك الموجودة في الأفوكادو وزيت الزيتون وغيرها؛ وتجنب الحميات الشائعة Fad Diets واتباع خياراتٍ صحية تحت إشراف الطبيب المختص أو خبير التغذية.نأأأن

ولتكن نهاية شهر نوفمبر، شهر التوعية من مرض السكري، بدايةً لحياةٍ أكثر صحية نتخذ فيها خياراتٍ صحية تمنحنا العافية وأعلى درجات الوقاية والرفاه.